حفظ الحقوق ومراعاة المشاعر
شخصية الإنسان لها صورتان: مادية ومعنوية.
المادية ما نراه من الإنسان في مظهره الخارجي، من لحم ودم، وما يتبع من مصالح وأوضاع مادية أخرى، كأمواله وممتلكاته الخاصة.
والمعنوية هي مشاعر الإنسان وعواطفه وما يتبع ذلك من قيمة معنوية واعتبارية للإنسان.
وعلى كل إنسان أن يحترم أخاه الإنسان في كلا الجانبين: المادي والمعنوي.
فكما أنه لا يجوز الاعتداء على الإنسان جسديًا بالجرح والإيذاء الجسدي والقتل، فكذلك لا يجوز الاعتداء عليه معنويًا بجرح مشاعره وخدش أحاسيسه وإهانة كرامته.
بل إن التعرّض للجانب المعنوي أشد عند الإنسان من الجانب المادي، فاهتمام الإنسان بالكرامة والمكانة الاجتماعية أكثر من اهتمامه بجسمه ومظهره الخارجي، ويحافظ عليها بشكل أحرص وأشد.
وفي هذا الصدد يقول أمير المؤمنين
: «
«طعن اللسان أمضى من طعن السنان»».
والإمام الحسين
في يوم عاشوراء كان يقول: «
«القتل أولى من ركوب العار»».
وقد نبه رسولنا الكريم إلى هذه النقطة في تعريفه للمسلم، فروي عنه قوله
: «
«المسلم من سَلِمَ الناس من لسانه ويده»»، فقدّم حفظ اللسان على باليد.
والآية الكريمة تأمر النبي
بأن يبلغ المسلمين أن يتعاملوا مع بعضهم البعض ويتخاطبوا بالأسلوب الأحسن، يقول تعالى: ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾، حيث عبّرت الآية الكريمة بِـ «الأحسن»، أي يختاروا اللفظ والأسلوب الأحسن، وليس مجرّد الحسن.
وعندما نطالع السيرة النبوية الشريفة نجدها تؤكد على جانب أهمية رعاية المشاعر والأحاسيس في التعامل، ننقل منها بعض المواقف:
* أن النبي
كان يصلي جماعة، فأخذ يسرع في الصلاة ويقتصر على الواجبات فيها، وعندما أنهى الصلاة سأله الصحابة عن سر ذلك، فأخبرهم بأنه سمع بكاء طفل ، فخفف الصلاة من أجله.
* وكان
يُؤتى له بأبناء وأطفال الصحابة، فيحدث في بعض الأحيان أن يتبول الطفل في حجر الرسول، فيبقيه الرسول في حجره إلى أن يكمل تبوله، فيستغرب الصحابة، فيقول لهم
: «إن ثوبي يطهره الماء، فما الذي يطهر قلب الطفل».
* ويحضر أعرابي إلى المسجد، فيحتاج لقضاء حاجته، فيقوم بالانتحاء جانبًا ويتبول في إحدى زوايا المسجد، فيغضب الصحابة لأنه ينجّس المسجد، فيقول لهم الرسول
:
««لا تزعجوا الرجل، فإن دلوًا من الماء يكفي لتطهير المسجد، إنكم بعثتم ميسرين لا معسرين»».