نحو أطر جديدة للتواصل الاجتماعي.
المجتمعات المتقدمة تبحث عن الأطر التي من شأنها أن تُحقق تطلعاتها، ونحن كمجتمع متدين ينبغي أن يكون الأولى بنا السعي لذلك، لكي تكون في المجتمع أطر للتواصل الاجتماعي من شأنها أن تُحقق المضامين التي سبق الحديث عنها. ، وقد نشرت (جريدة اليوم) في الثاني من ذي القعدة المنصرم (1427هـ، 23 نوفمبر 2006م) تقريراً عن إطارٍ جديد تشكّل في نيو دلهي بالهند قبل 6 سنوات، تحت عنوان (مشروع بها جيتاري) ويعني المشاركة. هذا الإطار تبنته مجموعة من المتقاعدين، وهدفه متابعة الأجهزة والدوائر الحكومية، ومراقبة سير الإدارات فيها، وتوجيه الملاحظات التي يرون أنه من الضروري الانتباه لها. في بداية الأمر لم يكن هناك تجاوب معهم، بل لم يكن يسمع لهم، ولكن فيما بعد أصبح معهم (14) ألف عضو، وحققوا خلال 6 سنوات ألف قصة نجاح، وفي عام 2005م خصصت الأمم المتحدة لهم جائزة باعتبارهم أفضل جماعه في العالم في خدمه النشاط الاجتماعي. حيث يعقد الأعضاء اجتماعات مع أعضاء البرلمان ومسؤلين كبار في الحكومة والوكالات المدنية لحل مشكلات الخدمات، ومناقشة الخطط المطروحة في موضوعات منها توفير إمدادات الكهرباء والمياه، وعزل المواد الصلبة في القمامة، وقضايا الصحة، وتمكين المرأة من ممارسة حقوقها، والاهتمام بالبيئة كتنمية الحدائق مما زاد المساحة الخضراء في نيودلهي عشرة اضعاف.
وهنا كلمة أوجّهها للمتقاعدين بأن يُفكّروا كما الآخرون، لماذا نجد في العالم مؤسسات للمتقاعدين، وفي مجتمعنا الكثير من المتقاعدين غاية ما يقومون به تكرار الحج وزيارة المراقد المقدّسة، وهذه الأمور مع أهميتها إلا أن خدمة المجتمع لا تقل ثواباً عنها إن لم يكون ثوابها أكبر.
ويتعجب الإنسان من طبيعة الأطر التي تُطرح في تلك المجتمعات، ومنها ما نشرته (جريدة الحياة) في يوم الخميس 9/2/1422هـ عن تأسيس نادي في (مدينة نيم) الفرنسية، اسمه: (نادي الأغبياء الفخورين بغبائهم)، ومن شروط الانضمام لهذا النادي أن يكون الشخص غبي ويفتخر بغبائه، ولديهم شعار: الغبي ذكي يجهل ذكاءه.
ونشرت (جريدة الحياة) أيضاً في 23/12/1423هـ خبراً عن مسيرة للدفاع عن كرامة القطط في روما، تجمع فيها نحو (2000) شخص.
في تراثنا الإسلامي هناك أوقاف كبيرة تهتم بمثل هذه القضايا، ومنها أن أحد التجّار أوقف قطعة نخلٍ من أجل إطعام القطط الجائعة عند مرقد الإمام علي بن موسى الرضا
، والسبب أنه عند زيارته للمرقد الشريف ترك قطعة لحم خارجاً وعند خروجه لم يجدها، سأل عنها، فأجيب بأن القطط الموجود في تلك المنطقة أخذتها
[7] .
وما نخلص إليه من هذا الطرح، أنه في مجتمعنا ينبغي التفكير في أطر جديدة لمعالجة قضايا المجتمع، وحل مشاكله، ولا يكفي أن نجلس في المجالس وننتقد الأوضاع دون أن يكون لنا أي تحرك. ثم إن الدولة تتحمل جزءً كبيراً من معالجة المشاكل، والمجتمع بجميع فئاته يتحمل جزءً أيضاً، فليس هناك دولة تستطيع أن تُعالج كل المشاكل التي تواجهها ما لم يكن هناك تعاون من قبل المواطنين.
من هنا على الجميع تحمل المسؤولية في هذا الجانب بأن يتعاون المجتمع مع الأطر القائمة كالجمعيات الخيرية واللجان الاجتماعية، والأندية الرياضية، والمجلس البلدي، ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات ولا يُبرر أحد بأنه لا وقت لديه لهذه الأمور، فنحن نجد أن الكثير من أبناء المجتمع يصرفون غالب أوقاتهم على قضايا هامشية كالسهر مع الشلل وذلك على حساب عوائلهم ومجتمعهم وأعمالهم أيضاً.