الأصل الديني لحب أهل البيت
آيات القرآن الكريم والأحاديث الواردة عن رسول الله
والتي اعتبرها المسلمون في مختلف مذاهبهم صحيحة ثابتة هي التي تدفع كل مسلم لكي ينعقد قلبه على حب أهل البيت.
ومن الآيات الكريمة التي تدعو لحب أهل البيت
هذه الآية الكريمة، فالله تعالى يقول: ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾. والأنبياء حينما يبلغون رسالات الله فإنما يقومون بالتبليغ استجابة لأمر الله تعالى، وبالتالي فهم لا يريدون من أحد، مقابل تبليغهم للرسالة أجراً، ولذلك نجد في سورة الشعراء ورد على لسان خمسةٍ من الأنبياء: نوح
، وهود
، ولوط
، وصالح
، وشعيب
، وفي خمسة مواقع من السورة الكريمة، كل هؤلاء الأنبياء كانوا يقولون بلسان واحد ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
[2] إذاً لا أحد من الأنبياء يريد من الناس أجراً أو يتوقع منهم ذلك، في مقابل تبليغه رسالة الله. وكذلك النبي محمد
أمره الله تعالى أن يقول للمسلمين: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ
[3] ﴾، بينما نجد الله سبحانه وتعالى يأمر نبيه
أن يطلب من الناس أجراً، كما هو صريح في قوله تعالى: ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾، فكيف يُمكن التوفيق بين هذه الآية الكريمة، وبين قوله تعالى: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾، وكيف أن النبي
يطلب أجراً من المسلمين على تبليغ الدعوة الإلهية بعكس سائر الأنبياء؟ هذا التنافي الذي يبدو لأول وهلة تجيب علية آية أخرى، يقول الله تعالى: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾
[4] .
إذاً الفائدة الكبرى من المودة في القربى هي للمسلمين، وليست للنبي الأكرم
. فالأمة حينما تحب أهل البيت و ترتبط بهم فإن ذلك في مصلحة الأمة نفسها ولخير الأمة نفسها.
وحول الآية الكريمة: ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ وردت روايات وأحاديث كثيرة نقلتها مصادر المسلمين، كما في تفسير الكشاف[5] والصواعق المحرقة
[6] وغيرهما من المصادر الإسلامية المعتبرة، أن الصحابة سألوا رسول الله
: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودتهم؟ قال
: «هم علي و فاطمة و ابناهما».
ومن ذلك أيضاً: أن الإمام الحسن
خطب في الناس بعد استشهاد أبيه أمير المؤمنين
وقال: «أنا من أهل البيت الذين فرض الله مودتهم عليكم»
[7] .
وروايات أخرى كثيرة مذكورة في الكتب و مصادر الحديث الإسلامية هذا على صعيد الآية الكريمة.
الأحاديث الشريفة ودعوتها لحب أهل البيت
أما على صعيد الأحاديث والنصوص الواردة في مصادر الحديث فهي كثيرة، ومنها الحديث الوارد عن رسول الله
أنه قال: «أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه و أحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي»
[8] ، وفي حديث آخر صححه الشيخ الألباني
[9] عن النبي
أنه قال: «والذي نفسي بيده، لا يبغضنا أهل البيت أحدٌ إلا أدخله الله النار»، وهناك أحاديث كثيرة تتحدث عن أفراد أهل البيت
، فمثلا عن الصديقة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين
، أن رسول الله
قال فيها: «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني»
[10] .
أما في حق علي
، ففي صحيح ابن ماجة عن علي
قال: «عهد إليَّ النبي الأمي
أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق»
[11] . قال الشيخ الألباني: (وهذا حديث صحيح).
وأما في حقَّ الحسنين عليهما السلام فالأحاديث كثيرة، ومنها قوله
: «من أحب الحسن والحسين فقد أحبّني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني»
[12] .
إذا هناك نصوص شرعية، وهي تؤصل لأصل ديني يدفع كل مسلم للولاء لأهل البيت ولمحبتهم